ندد المغرب بتسلل نحو 1400 شخص، مؤطرين من قبل عناصر عسكرية من بوليساريو، يوم الجمعة، إلى المنطقة العازلة، شرق خط الدفاع قرب منطقة المحبس.
واللافت أن المتسللين، الذين يوجد من بينهم أجانب، مزودون بأسلحة فردية، وأجهزة الكشف عن الألغام، كانوا على متن 90 سيارة من نوع "جيب"، و10 شاحنات، وسيارات أخرى، ودراجات، وأطلقوا عدة أعيرة نارية في الهواء، واقتلعوا أسلاكا شائكة.ما جرى يوم الجمعة المنصرم، الذي ما كان ليحصل لولا الدعم الجزائري المكشوف، خرق متعمد وسافر للاتفاقيات العسكرية، المبرمة تحت إشراف الأمم المتحدة، والمشكلة أنه جرى تحت أعين عناصر بعثة المينورسو، الهيئة التي شكلتها الأمم المتحدة المكلفة بالسهر على احترام تنفيذ الاتفاقيات المذكورة، وفي مقدمتها اتفاق وقف إطلاق النار.حادث الجمعة تتوفر فيه كل عناصر الجريمة الدولية، هناك تحركات مشبوهة لعناصر البوليساريو، بقرار وتوجيه ودعم من الجزائر، هناك أسلحة وإطلاق أعيرة نارية، واقتلاع أسلاك شائكة، في منطقة لا توجد بها أي قوة عسكرية، ما يعد انتهاكا سافرا للاتفاقيات، التي وقعت عليها الأطراف سنة 1991، تحت إشراف الأمم المتحدة.
إن الأمم المتحدة أمام امتحان الشرعية الدولية، التي تتطلب تدخلا حازما لوضع حد لهذا الاستفزاز الجديد، الذي لا يمثل فحسب خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار، بل خرقا جسيما لحقوق الإنسان، من خلال جرجرة صحراويين، ومئات الأجانب، الذين تحركهم تضليلات مشبوهة، إلى منطقة عازلة باعتراف دولي، وتعريضهم لمخاطر حقيقية، تهدد سلامتهم الشخصية، وتضرب في العمق الحق في الحياة، وتغامر بجعل هذا الجزء من العالم بؤرة لإذكاء التوتر المفتوح على كل العواقب.واللافت أن إصرار قيادة انفصاليي بوليساريو على حركاتها البهلوانية، مثل ما حدث يوم الجمعة، لا يخرج عن سياق مناوراتها المكشوفة، وهروبها إلى الأمام.
فليس صدفة أن يأتي "الحدث" عقب تعيين مبعوث جديد للأمين العام الأممي، في شخص كريستوفر روس، وعشية جولة جديدة من المفاوضات حول مشروع الحكم الذاتي، الذي أحدث تحولا إيجابيا في قضية الصحراء المغربية، وخلق تناقضات داخل البوليساريو نفسها.وبالنظر إلى خطورة هذا الفعل من طرف بوليساريو، فإن منظمة الأمم المتحدة تقع على عاتقها مسؤولية سياسية ومعنوية مباشرة في اتخاذ موقف من هذا النشاط الاستفزازي، الذي يعد انتهاكا سافرا للشرعية.تأتي مسؤولية المنظمة الدولية أولا من كونها هي المشرفة على إيجاد تسوية للنزاع المفتعل، وثانيا باعتبارها أشرفت على اتفاق وقف إطلاق النار، عام 1991، وهو الاتفاق الذي جاء في سياق مسلسل التسوية، وأصبح للمنظمة الأممية قوات في المنطقة،
في إطار بعثة المينورسو. بهذا، أصبحت الأمم المتحدة مسؤولة عن فرض احترام شروط اتفاق وقف إطلاق النار، وضمان وضع الحياد الفعلي للمنطقة العازلة، الواقعة خارج الجدار الأمني، الذي كان المغرب شيده في إطار الدفاع عن وحدته الترابية، من باب العمل على تيسير الأمور وتوفير أجواء الانفراج في أفق التسوية، والحد إلى أقصى حد ممكن من عوامل التوتر، وحفظ ماء الوجه للطرف الآخر، إذ قبل المغرب اختيارا وطواعية، بعد أن حسم المعركة لصالحه عسكريا في الميدان، بـ"ترك" تلك المنطقة العازلة، على الحدود الجزائرية، تفاديا لأي احتكاك، من منطلق الرغبة في تفادي التصعيد، وصيانة سياسة حسن الجوار، وترك باب المستقبل مفتوحا لعلاقات أفضل بين البلدين المغرب والجزائر.وزادت درجة مسؤولية الأمم المتحدة في الحفاظ على الوضع القائم بالصحراء المغربية، بعد أن رحب مجلس الأمن الدولي، التابع لها، بمقترح المغرب للحكم الذاتي، باعتباره أرضية لتسوية سياسية دائمة.إن قيادة بوليساريو بإقدامها على حادث الجمعة البهلواني، لا تستفز المغرب فقط، بل إنها توجه أيضا تحديا صارخا للأمم المتحدة، القيمة على مشروع التسوية، والمسؤولة عن الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جاء تحت إشرافها، وأساسا مجلس الأمن الدولي، التابع للمنظمة، الذي هو الهيئة المكلفة بصيانة السلم والاستقرار في العالم، وبهذه الصفة، فهو مطالب باتخاذ موقف ضد البوليساريو، من أجل الإبقاء على مصداقية المجتمع الدولي أولا، وللحفاظ ثانيا على التقدم الحاصل في مسلسل البحث عن تسوية سلمية، بعد الخطوات الإيجابية المسجلة، بفضل المبادرة المغربية. إن مصداقية وهيبة الأمم المتحدة تقع اليوم أمام الامتحان، امتحان لن يكون مقبولا فيه أن تتخلى الهيئة الأممية عن مسؤولياتها، وتترك هيئتها بالمنطقة، المينورسو، على موقفها السلبي إزاء الاختراقات العسكرية المتعددة لكل من الجزائر وبوليساريو.
أحمد نشاطي المغربية
13.04.2009
13.04.2009
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire