فاطمة الغالية الركيبي
f_rguibi@yahoo.fr
الحوار المتمدن - العدد: 1885 - 2007 / 4 / 14
حينما نطرح قضية الصحراء الغربية، ونتحدث عن أطراف النزاع، من الأفضل أن نميز بين المواقف، فهناك مواقف متعنتة تسحب نفسها على الجميع، كما هو حال موقف جبهة البوليساريو التي تعمم موقفها الداعي للانفصال عن المغرب على جميع الصحراويين المغاربة، بينما لا تحكم قبضتها إلا على أقل من 25 في المائة منهم، وتفاديا للسقوط في خطإ التعميم، لا أدعي أن البوليساريو لا تمثل بتاتا إرادة معينة للانفصال عن المغرب، ولكن تلك إرادة أقلية لا تمثل جميع الصحراويين المحرومين من العودة إلى وطنهم في تندوف في الجزائر.
وبالمثل، هناك الموقف الجزائري الذي يقدم نفسه كموقف رسمي لدولة الجزائر الشقيقة، بينما لا يعبر عن موقف الشعب الجزائري الذي من المؤكد أنه لا يحب أن تتدخل بلاده في نزاع داخلي للمغاربة حول الصحراء الغربية، ولا أن تتبنى دولته خطابا مزدوجا حول علاقتها بالنزاع، بينما تستضيف على ترابها مخيمات الصحراويين، ولا أن تواصل بلده لعبة إلهائه عن مشاكله الحقيقية التي تبدأ من الحرب الأهلية ولا تنتهي عند الإرهاب والتطرف.
وفي هذا السياق، اطلعت مؤخرا على موقف جزائري مهم جدا لمثقف وإعلامي بارز، أود أن أتقاسمه مع القراء، لأنه يمثل الرأي الآخر للجزائر التي تريدها النخبة المثقفة والقاعدة الشعبية وتقف دونها النخبة العسكرية الحاكمة. ويهم الموقف المدير السابق لجريدة (لوماتان) الجزائرية محمد بنشيكو, الذي سجن لمدة سنتين بدعوى خرقه لقانون الصرف. وقد أصبح هذا الإعلامي "لاجئا" مرغوبا فيه في صحيفة (لوسوار دالجيري).
وعبر الإعلامي بنشيكو على صفحات ( لوسوار دالجيري) منتصف شهر مارس الماضي عن رأيه في فشل السياسة الجزائرية بخصوص إدارة ملف الصحراء الغربية، بناء على عدة حجج قوية، فهو يقول إن العصر لم يعد " عصر دبلوماسية لكن حلم القادة الجزائريين خلال السنوات الأخيرة كان ينطوي على أوهام ترتبط بعالم قديم آخذ في الانهيار والجزائر لم تقدر حجم انهياره".
واعتبر كاتب المقال أن "النظام الجزائري عرض نفسه بذاته للعزلة بسبب انطوائيته وجموده وتخلفه وتسلطه"، بخلاف النظام المغربي الذي سجل نقاطا كثيرة بانفتاحه وديناميته وممارسته الديمقراطية وتقدمه الواعد.
كما اعتبر المدير السابق لصحيفة (لوماتان) أن الجزائر لم تتمكن من التواؤم مع الخطاب السائد حاليا، خاصة في فرنسا في سياق الانتخابات المقبلة ومغادرة جاك شيراك للسلطة، لأن النظام الجزائري في رأيه لا يفهم " الخطاب الذي ينتمي لجيل جديد، لأنه غير المنسجم مع الواقع"، لكن الملك محمد السادس تمكن ببراعة " من التقاطه لكي يستخدمه بدوره، ويحظى بالاستماع، ويحسن صورة المغرب ويقلب الوضعية الدبلوماسية حول الصحراء الغربية لصالحه".
إن ما عبر عنه هذا الجزائري ليس مزايدات وتصفية حساب مع بلده الذي وأد حريته وحرية منبره الإعلامي، إنه يعبر عن حقائق ثبتت بقوة الواقع، لأن المغرب نجح في استقطاب اهتمام العالم بتحولاته السريعة والجريئة المتماشية مع روح العصر والديمقراطية، وأبان عن مرونة في التعاطي مع المعضلات السياسية، ومنها قضية الصحراء التي يتنازل فيها عن مركزية الحكم، عارضا تجربة حكم ذاتي جهوي لم يسبق لها مثيل في المنطقة والعالم العربي والإسلامي الذي ينتمي إليه، تمكن الصحراويين من صلاحيات واسعة في تدبير الشأن المحلي وفقا لخصوصياتهم الاجتماعية والثقافية، تحت السيادة المغربية
وإذا كان الإعلامي بنشيكو يتحدث بإعجاب ودفاع عن المغرب، والمغاربة بالمثل إزاء إخوانهم الجزائريين، فلأن ذلك من خصائص الشعوب الشقيقة التي تربط في ما بينها الروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية التي لا يمكن أن يعلى عليها، والتي لا يشاطرها بالضرورة الحكام الجزائريون، وهم بالمناسبة لا يقلون ارتباطا بالمغرب عن الشعب الجزائري الشقيق، خاصة قبل الوصول إلى دفة الحكم والتعرض لضغط المؤسسة العسكرية، أو بعد مغادرتها، ويكفي ذكر الرئيس الجزائري الثالث، الشاذلي بن جديد الذي استقر في مدينة طنجة ( شمالا)، و الرئيس الجزائري الرابع، القتيل بوضياف الذي كان مستقرا بمدينة القنيطرة (وسط غرب المغرب)، والرئيس الجزائري الخامس، علي كافي المستقر في مدينة الرباط العاصمة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire