30 mai, 2007

الطلبة الصحراويون والبوليساريو وعنف الجامعات المغربية

فاطمة الغالية الركيبي
F_rguibi@yahoo.fr
30-05-2007

كبقعة الزيت، انتشرت الاضطرابات الدموية ومواجهات العنف في مختلف الجامعات المغربية، وبدل أن يكون موضوع الحدث هو أسباب سيادة العنف داخل الحرم الجامعي في المغرب، أضحى، ولا يزال، موضوع الحدث هو اضطهاد الطلبة الصحراويين، وانتهاك حقوق الإنسان في حقهم، والاعتداء عليهم وتعريض حياتهم للخطر والتعذيب من لدن السلطات المغربية، أو " دولة الاحتلال" كما تفضل البوليساريو أن تسمي بلدها الأصل...

كانت حصيلة بقعة زيت العنف قتيلان وعدة جرحى ومعتقلين، منهم من يقبع الآن وراء القضبان. .. وطلبة خائفون على حياتهم وسلامتهم ومستقبلهم الدراسي... حصيلة مؤسفة ومحزنة تسجل في التاريخ الأسود للجامعة المغربية التي كانت فضاء لتحصيل المعرفة والعلم والحوار، وخزانا للطاقات البشرية التي يعول عليها للرقي بالمجتمع والمضي به قدما نحو التقدم والحداثة.

وخلال الأحداث الدامية وإلى حد الآن، فتح نقاش واسع، غير متفق عليه أو منسق بشأنه، ولكنه فتح بشكل تلقائي وحتمي، داخل مختلف مؤسسات المجتمع المغربي لتناول ظاهرة العنف في الجامعة المغربية، خطورتها ومنزلقاتها، وأسبابها، ونتائجها على وظيفة المؤسسة الجامعية ووضعها في الماضي والحاضر...

في نفس التوقيت، وليس في نفس المكان، كان يجري نقاش أوسع وأقوى انتشارا، خارج المغرب، حول القضية، لكنه متركز على جانب واحد للظاهرة، إن لم نصفه بأنه جانب هامشي في قضية حساسة ومستقبلية كدورالجامعة في سياق التحولات الكبرى سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا التي يمر منها المغرب في ظل العولمة وسيادة مفهوم مجتمع العلم والمعرفة.

أما ما طغى على النقاش الخارجي، إن كان أصلا يستحق وصفه نقاشا، فقد كانت ردود أفعال تشجب العنف وانتهاك حقوق الإنسان... ليس داخل الجامعات، أو في المجتمع المغربي، بل العنف الممارس على الطلبة الصحراويين، باعتباره جزءا من العنف الذي تمارسه الدولة المغربية على الانفصاليين لقمع مطالبهم باستقلال الصحراء الغربية عنه...

مختلف ردود الفعل هذه لم تلتفت إلى مختلف المواقف والتقارير الصادرة عن تنظيمات طلابية وحقوقية ومدنية وأكاديمية وحزبية ورسمية مغربية بشأن التنديد بالعنف المدمر الذي شل الجامعات المغربية على مشارف الامتحانات السنوية.

وعدم الالتفات إلى هذه المواقف "عيب" شبه كامن في الهيئات المشتغلة في مجال حقوق الإنسان،لأنها تبحث دائما عن الوجه السلبي لواقع حقوق الإنسان، فهو ما يمنحها سببا للوجود، قد يأتي أحيانا على حساب الحس النقدي والموضوعي الذي يتوجب التوفر عليه، وإلا برز لديها "عيب" آخر، وهو قدرتها على التأثير في الرأي العام بشكل "مضلل"، ولا يكون هذا "العيب" عيبا حين تستطيع أن توفر للرأي العام صورة كاملة عن الأحداث التي تنشر يشأنها تقارير أو مواقفها الخاصة.

وكانت هناك أيضا موجة ردود فعل صادرة من هيئات مدنية وسياسية دولية متعاطفة تقليديا مع البوليساريو، أو الأحرى ما بقي منها، وجدت في أحداث الجامعات فرصة لتجديد المجاملة للبوليساريو أو الأحرى، الرضوخ لتقديم المجاملة أمام إلحاح وضغط البوليساريو عليها بواسطة ترسانة صور المواجهات التي تسلحت بها ، من قبل ومن بعد، لابتزاز مواقف متعاطفة، ومن لم يبدها، اكتفت منه بنتيجة تداول الخبر والصور في فضاء دولي لديه حساسية مفرطة تجاه قضايا حقوق الإنسان.

هل نجحت البوليساريو إذن في تحقيق مسعاها بلفت الانتباه إليها وتقديم نفسها ضحية؟ قبل الجواب على هذا السؤال، يتعين الخوض في ما حصل من عنف، ولماذا حصل الآن بالذات وفي الحرم الجامعي بالتحديد؟

يكفي في هذا المختصر المفيد القول إن الصورة التي روجتها البوليساريو في الخارج، والمرتبطة بقضايا حقوق الإنسان، لعبة بسيطة ومكشوفة، فيها الكثير من حس المناورة والتلاعب بالأحداث الذي طورته البوليساريو خلال فترة الكمون والانحسار التي عانتها بعد اتفاق الهدنة مع المغرب عام 1991 تحت إشراف القوات الأممية في المنطقة. / يتبع