20 juin, 2007

الصحراء الغربية في مفاوضات نيويورك: البوليساريو تتشبث بخيار متجاوز وغير واقعي

فاطمة الغالية الركيبي
20-06-2007
اختتمت أمس الثلاثاء في نيويورك المفاوضات في قضية الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو” لليوم الثاني، بالاتفاق على اللقاء مجددا في منت شهر غشت المقبل لاستئناف المفاوضات بين المغرب والبوليساريو والجزائر والدول الصديقة برعاية الأمم المتحدة.
وقالت مصادر من عين المكان إن اللقاء الأول الذي تم بعد عشر سنوات من آخر لقاء جمع بين المغرب والبوليساريو كان صعبا للغاية، وكان ذلك متوقعا، لذلك اعتبرت مصادر أممية أن اختيار منتجع مانهاست في لونغ أيلاند بنيويورك كان متعمدا لخلق نوع من الألفة والحميمية والتجاوب بين الأطراف التي جمعتها مائدتا المفاوضات والأكل وتجمعهما في الواقع أواصر القربى والتاريخ والأرض المشتركة.
الجولة الأولى إذن من مفاوضات نيويورك لم تكن فاشلة تماما، أو ناجحة تماما، ولكنها حققت الحد الأدنى لانطلاق المفاوضات الجادة بين الطرفين، بذوبان الجليد الذي كان قائما منذ أكثر من عقد، وبدفع الدول الصديقة الأطراف للتحلي بالواقعية والمسؤولية لوضع حل نهائي وعادل للنزاع، خاصة الجبهة التي هددت أكثر من مرة، حسب مصادر من داخل الاجتماع، بالانسحاب من المفاوضات، احتجاجا على ما اعتبرته محاولة من المغرب لدفع الدول الصديقة لتبني وشرعنة " احتلاله الصحراء الغربية" وإصرارها على تنظيم الاستفتاء لتقرير المصير، اندماجا أو استقلالا.
غير أن اجتماع نيويورك الذي تم بضغط أممي لبحث حل عاجل ودائم وعادل ومتفاوض حوله لم يكن وراءه فقط محاولة إنهاء نزاع طال أمده أكثر من اللازم فقط، ولكن لأن التطور الذي حصل فيه، بطرح المبادرة المغربية حلا وسطا يكفل للطرفين حقوقهما الأساسية هو ما دفع الأمم المتحدة ومجلس الأمن للسعي وراء ترتيب مفاوضات مباشرة بين المغرب والبوليساريو من جهة، واستدعاء موريتانيا والدول الصديقة، الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا فرنسا وإسبانيا، بجانب استدعاء الجزائر كطرف معني، وهي التي كانت حتى آخر لحظة تدفع بعدم علاقتها بالقضية، ومن ذلك الرسالة التي بعثها الرئيس الجزائري العزيز بوتفليقة شخصيا لبان كي مون والتي ناقضها مبعوثه الخاص في المنطقة بتأكيد علاقة الجزائر بالنزاع، وقد وصف علاقتها بالحيوية.
كما أن التطور الذي حصل في الشهور الأخيرة والمرتبط بمشروع المغرب الذي كان موضوع مشاورات دولية واسعة شاركت فيها أكبر القوى الدولية وترحيب واسع منها، دفع المنظمة الأممية لتسريع وتيرة المفاوضات، بأن قربت موعد انطلاقها ورفع التقرير بشأن تطورها ونتائجها بشكل غير مسبوق، تحدد في شهرين بعد صدور القرار 1754 في 30 أبريل الماضي.
وكل هذه التطورات، بجانب تطورات أخرى سابقة، ضمنها اعتبار خيار تنظيم الاستفتاء المتضمن لإمكانية الاستقلال في الصحراء الغربية هو " خيار غير واقعي"، خاصة وأن هذا الخيار الذي نصت عليه قرارات أممية سابقة ( القرار 1495 الصادر عام 2003 والقرار 1541 الصادر عام 2004) شرطته بشرط أساسي لا يمكن الجدال فيه أو التخلي عنه، وهو أن يقوم " علــى أســاس الاتفــاق بــين الطرفين".
هناك ايضا مسالة جد هامة تتعلق بتشبت البوليساريو بخيار الاستفتاء والاستقلال الذي غدا متجاوزا ومرفوضا، ألا وهي مسألة قبول مجلس الأمن برفض المغرب إجراء الاستفتاء، بسبب استحالة تحديد هوية الصحراويين ووجوب إعادة النظر في حدود الدول المغاربية لحصر السكان الصحراويين، وإلا أصبح الأمر الواقع في الصحراء الغربية هو الوضع الذي عبر عنه التقرير الأممي المرفوع في 16 أبريل الماضي ويقول إن:
" ولما كان هناك استبعاد لأي تسوية لا تتم باتفاق الطـرفين فإنـه لم يكـن هنـاك إلا خيــاران: إمــا إطالــة أمــد الجمــود الــراهن إلى مــا لا نهاية...وإمــا المفاوضــات المباشــرة بــين الطرفين".إن عدم تجاوب البوليساريو مع رغبة المجموعة الدولية في حل النزاع بشكل "نهائي وسريع وعادل ودائم وسلمي ومتفاوض حوله ومتفق بشأنه" كما نصت التقارير والقرارات الأممية، وعدم تجاوبها مع رغبة السكان الصحراويين لجمع الشمل ووضع حد لمعاناة وذل سكان مخيمات تندوف المشردون في صحراء الجزائر سيزيد من تعقيد موقفها أمام المنتظم الدولي من جهة، كما سيعقد وضعها الداخلي ويهددها بالانفجار، ولن تكون التداعيات السلبية لمثل هذه التحولات في صالح الجزائر التي تقف مباشرو وراء عدم تليين موقف الجبهة كما هو معروف
..