17 mai, 2007

محاولات يائسة لعرقلة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية


فاطمة الغالية الركيبي
f_rguibi@yahoo.fr
الحوار المتمدن - العدد: 1881 - 2007 / 4 / 10

واجه مشروع الحكم الذاتي الموسع في الصحراء كما هائلا من الادعاءات لعرقلته ونسفه قبل وصوله إلى هيئة الأمم المتحدة نهاية شهر أبريل الجاري، في محاولة يائسة لاحتواء الأصداء الإيجابية التي خلفها عبر مختلف المحطات التي مر منها حتى الآن.
ورغم أن ادعاءات البوليساريو المدعومة من الجزائر الشقيقة هي ذاتها لم تتغير منذ ثلاثين عاما، فإن جديدها المرتبط بالطعن في مشروع الحكم الذاتي المغربي، وحملة المغرب للتشاور مع المجموعة الدولية بشأنه، يدفعنا للعودة إليها وتفنيدها، إنصافا للحقيقة التي لا تستقيم ببتر أهم مكوناتها، ألا وهي المملكة المغربية وأبناءها الصحراويين الذين يشكلون عدديا معظم سكان الصحراء الغربية.

* الحل الديمقراطي والوحيد

إن طعن البوليساريو والجزائر المتواصل في مشروع الحكم الذاتي، واعتباره حلا غير ديمقراطي ومزيف هدفه القضاء على حق الصحراويين في تقرير مصيرهم هو موقف يرفض منطق تطور التاريخ، والاستجابة لمتطلبات إرساء الديمقراطية التي فرضتها المتغيرات الدولية منذ سقوط جدار برلين.

ورغم تعدد تدخلات المنتظم الدولي، لم تفلح كافة الحلول المطروحة في السابق، لأنها كانت حلولا غير ممكنة، وغير عادلة لهذا الطرف أو ذاك. وقد حاولت هيئة الأمم المتحد حل النزاع عبر استفتاء تقرير المصير، مبني على تحديد الهوية، وتوصلت بعد عشر سنوات، من 1991 إلى 2001 إلى استحالة إنجازه تقنيا وسياسيا، لأن الصحراويين لا يعيشون فقط في الصحراء الغربية، بل في مجمل الصحراء الممتدة ما بين الجزائر ومالي وموريتانيا، وذلك يعني أنه يتعين تغيير الحدود بين كل هذه البلدان ليكون الاستفتاء عادلا وشاملا.

ومن هنا يعد الحل المغربي بمنح حكم ذاتي موسع للصحراويين حلا تاريخيا وحقيقيا ونهائيا، بل والحل الوحيد الممكن تطبيقه، لأن المغرب يدافع عن حل سلمي وسياسي، ولا يريد حلا عن طريق تكرار المواجهة الحربية التي دامت 16 عاما، ما بين العام 1976 والعام 1991، وحسمها المغرب لصالحه.

وتقدم المملكة المغربية مشروعها القاضي بإرساء حكم ذاتي موسع في الصحراء لجميع سكان الصحراء المغاربة، حتى الأقلية التي تحاصر معظمها جبهة البوليساريو في مخيمات تندوف، من أجل فض نزاع عقيم دام عقودا بدون حل، وترتبت عنه مآسي إنسانية واجتماعية كثيرة، رهنت مصير الآلاف من الصحراويين بدون جدوى، وعطلت مسار التنمية في المنطقة كلها.

ويعتبر الحكم الذاتي ممارسة ديمقراطية متطورة جدا لا توجد حتى الآن سوى في الدول المتقدمة ديمقراطيا، وهو أرقى مستويات ممارسة حق الشعوب في تقرير مصيرها. ويمنح الحكم الذاتي الموسع الصحراويين صلاحيات واسعة في تدبير شؤونهم المحلية، تحت السيادة المغربية. ولم يكن للمغرب أن يقدم على اقتراح هذا المشروع الحداثي غير المسبوق في العالم العربي والإسلامي ودول العالم الثالث، لولا أن توافرت له مقومات الدولة الحديثة التي انطلق بشجاعة في إرساء دعائمها في مختلف المجالات، وعلى رأسها الحقوقية والسياسية والاجتماعية، خاصة في عهد الملك محمد السادس.

وليس من دليل أبلغ على النهج الديمقراطي الذي اختاره المغرب لتدبير شؤونه الداخلية من مقترح الحكم الذاتي الموسع الذي يعرضه المغرب بعد إنهاء مشاوراته على أعلى هيئة دولية كدليل آخر على جدية مشروعه وشفافيته. وكان بإمكان المغرب أن يتشبث بموقف رفض مطالب البوليساريو والمجموعة الدولية، على غرار ما فعلت الجبهة والجزائر الشقيقة، لأنه في صحرائه، والصحراء في ترابه، ولأنه حسم النزاع عسكريا وميدانيا منذ العام 1991، ولأن أزيد من 80 في المائة من الصحراويين يعيشون تحت سيادته، متمتعين بكامل حقوق المواطنة التي يتمتع بها المغاربة كافة...

ومن منطلق المنطق الديمقراطي دائما، وترسيخا لثقافة التشاور، اقترحت المملكة المغربية مشروع الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية، بتنسيق مع الصحراويين الموجودين في الأقاليم الجنوبية والحكومة المغربية والأحزاب السياسية المغربية والقوى الحية في المغرب ، وأنشأ الملك محمد السادس في 25 مارس 2006 المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية المكون من أعيان القبائل الصحراوية والمنتخبين المعروفين بصدق وطنيتهم، ليساهم المجلس في الدفاع عن مغربية الصحراء، والتعبير عن التطلعات المشروعة للصحراويين والمغاربة قاطبة في الحفاظ على وحدتهم الترابية.

وقد وضع إنشاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية حدا لمزاعم جبهة البوليساريو بأنها الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين، وهي الأكذوبة التاريخية التي ظلت البوليساريو تروج لها على حساب إرادة واختيار غالبية الصحراويين، بمن فيهم الذين تطبق عليهم سيطرتها في مخيمات تندوف في الجزائر.
إن البوليساريو ليست مخولة للحديث عن الديمقراطية، وهي التي أنشأت دولة لا تدين بوجودها سوى لتكنولوجيا المعلوميات التي أوجدت لها موقعا افتراضيا في عالم يغلي اليوم بالكائنات غير الحقيقية، ولا وجود ترابي لها في الصحراء المتنازع حولها، لأنها دولة مصطنعة فوق التراب الجزائري، جل قادتها يسافرون بجوازات سفر جزائرية وتذاكر سفر في الطائرات الجزائرية، ويتخذون مأساة الصحراويين المحرومين من العودة إلى وطنهم أصولا تجارية التسول والبقاء.

وقد أنشأت الجبهة دولتها الوهمية حتى بدون أن تستفتي كل الصحراويين الذين تقول إنها تمثل تطلعاتهم، وبدون أن تستفتي كذلك الصحراويين الذين تسلطت عليهم بالقوة والابتزاز والوهم في مخيمات تندوف، وبدون انتظار حسم النزاع داخل الأمم المتحدة، لسبب واضح جدا، وهو أنها منظمة سياسية غير ديمقراطية وعسكرية وشمولية، تدين بالفكر الواحد ونظام الحزب الوحيد، وتاريخ وجودها يعود إلى ما قبل الطوفان الذي عفا عنه الزمن، ولا شيء من هذه المكونات يؤهلها لبناء دولة عصرية ديمقراطية.

وقد أدى القرار الملكي بإحداث تمثيلية حقيقية وواسعة للصحراويين إلى خلق ارتباك لدى البوليساريو، ووضعها أمام مسؤولياتها التاريخية والأدبية، لأن العالم أصبح عليه التعامل مع قضية تهم جميع الصحراويين المغاربة، سواء في الأقاليم الجنوبية أو في الأراضي الجزائرية في تندوف التي تستضيف الانفصاليين منهم والمحرومين من العودة إلى وطنهم في المخيمات، وبذلك استعادت قضية الصحراء بعدها الوطني والداخلي التي حاولت البوليساريو والجزائر نزعه منها، بادعاء أنه نزاع دولي.

* حملة تشاور لا تسويق

ولا تجد البوليساريو والجزائر من شيء تصف به التحرك الدبلوماسي المغربي المؤسس على المنطق الديمقراطي بشأن مشروعه سوى أنه تصعيد في اتجاه بيع المقترح الذي ترفضانه، بدعوى أنه يكرس انتهاك القرارات الأممية ومحكمة العدل الدولية إزاء ما تعتبره منطقة مستعمرة من قبل المغرب منذ العام 1975.

إن ما تقوم به المملكة الغربية من تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة لدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن وكافة دول العالم للتشاور حول مشروع الحكم الذاتي قبل عرضه على مجلس الأمن نهاية الشهر الجاري ليس بحملة بيع أو تسويق، وإنما هو عين الممارسة الديمقراطية الشفافة التي يسعى المغرب لتقديم أفضل ما فيها للصحراويين.

ولعله من الحكمة أن تتوقف البوليساريو والجزائر عن توجيه مثل هذا الوصف للحملة الدبلوماسية المغربية، لما في ذلك من إهانة للمجموعة الدولية المعنية بالحلول السلمية للنزاعات الدولية، في ظل تزايد ترحيبها بالمقترح المغربي، واستحسانها المبادرة المغربية الجديدة التي أضفت دينامية جديدة على صراع عقيم تجاوزه التاريخ.

كما أنه من الحكمة التراجع عن تغليط الرأي العام الداخلي والخارجي بشأن اعتبار المبادرة المغربية غير قانونية وانتهاكا للقرارات الأممية والدولية التي ظل المغرب على الدوام مساهما في تطبيقها في العديد من بؤر التوتر في العالم، بمشاركة قواته في مهام قوات حفظ السلام الأممية.

إن المبادرة المغربية جاءت إذن استجابة لنداءات المجموعة الدولية وإلحاحها على أطراف النزاع بضرورة إيجاد مخرج للمأزق الحالي في الصحراء بأسرع وقت ممكن، وبأكثر قدر من العملية، وطبقا للشرعية الدولية التي عبر عنها مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير الموجه لأطراف النزاع.

وطالب هذا القرار الصادر في أكتوبر 2006 الأطراف المتنازعة بالدخول في مفاوضات مباشرة لإيجاد حل سياسي دائم ومتفق حوله وقابل للتطبيق في اقرب الآجال. وتصب حملة التشاور المغربية في صلب ما طالب به مجلس الأمن، ليكون حله المقترح مبنيا على مشاورات واسعة. ولكن استثنت البوليساريو والجزائر نفسيهما منها، مفضلتين اتخاذ موقف سلبي تماما ومعاكس لتوجه المجموعة الدولية والقرارات الأممية.

* استكمال الوحدة الترابية

إن البوليساريو لا تفتأ تكرر أن الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار، يقع فيها انتهاك لقرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية نتيجة للاحتلال المغربي منذ العام 1975، وأن مقترح الحكم الذاتي الموسع هو محاولة لإضفاء الشرعية على الاحتلال القائم.

وتتغاضى البوليساريو عن حقيقة تاريخية ثابتة تتعلق بسيادة المغرب على الصحراء الغربية قبل تاريخ 1975 الذي تعتبره تاريخ فرض الاحتلال على الصحراء الغربية. وقد ظلت الصحراء طيلة قرون أرضا مغربية موحدة لم تعرف وجود أي كيان انفصالي، وهو ما يؤكده قرار محكمة العدل الدولية الذي أكد أن الصحراء لم تكن ذات يوم أرضا خلاء، وأن قبائلها كانت مرتبطة بالسلطة المغربية المركزية بروابط البيعة والولاء ( قرار 22 ماي 1975).

وكان السلاطين المتعاقبون على حكم المغرب يعينون ممثلين عنهم في القبائل الصحراوية ويعينون القواد بظهائر، كظهير قبيلة الركيبات في العام 1906 على عهد الحكم العلوي، ويشرفون على تدبير النزاعات الداخلية التي تعرف باسم السيبة. كما انهم كانوا المسؤولين عن حل النزاعات مع القوى الأجنبية، كما تثبت ذلك مختلف الوثائق التاريخية المحفوظة في المغرب وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا.

وكانت الصحراء موضوع تصفية استعمار على عهد الحماية الإسبانية التي احتلت المنطقة في 1884 كما احتلت الشمال المغربي في العام 1912. وانتهت تصفية الاستعمار في المنطقة باستكمال المغرب وحدته الترابية، وفض نزاعه سياسيا مع إسبانيا طبقا للقانون الدولي، ولم يدخل الصحراء غازيا أو محتلا، بل دخلها سلميا في العام 1975 كما دخل باقي أراضيه عبر التفاوض مع إسبانيا، طرفاية وطانطان في 1958 وسيدي إيفني في 1969، بعد استرجاع منطقة الشمال في العام 1956، تاريخ حصوله على الاستقلال من القوى الفرنسية والإسبانية والدولية ( منطقة طنجة) التي فرضت عليه مسلسل تصفية استعمار متواصل مر بمراحل تاريخية كثيرة.

والمشكلة القائمة في الصحراء منذ ثلاث عقود هي مشكلة انفصال لا تحرر، وهي فكرة أجنبية أملتها مصالح أجنبية دخيلة على الصحراويين، ولولاها لما طال النزاع حتى يومنا هذا، لأن المغاربة بإمكانهم أن يحلوا خلافاتهم في ما بينهم، كما فعلوا على الدوام، ولأن الصحراويين يعتزون بانتمائهم للمملكة المغربية وتاريخها الذي يشهد على مر عصوره أنهم لم ينفصلوا عنها، بمن فيهم أجداد وآباء زعماء البوليساريو الحاليين، ويكفي أن نستشهد بكون العديد من أهل قياديي البوليساريو هم ضد حركة الانفصال، وضمنهم أب زعيم الجبهة محمد عبد العزيز نفسه، وهو عضو بارز في الكوركاس.

أما العودة إلى حمل السلاح والمواجهة العسكرية التي تلوح بها البوليساريو هي تهديدات لا طائل منها، وتؤكد فقط الطبيعة العسكرية للبوليساريو التي سبق أن انهزمت في الحرب. ومن المؤكد أن الجبهة تعرف جيدا عواقب الدخول مجددا في مغامرة المساس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية التي لن تتأخر في الدفاع عنها بكل الطرق الدبلوماسية والسياسية وغيرها من طنجة إلى الكويرة. إن استئناف الحرب غير ممكن، ومن يهدد بذلك، لا يمكن إلا أن يكون مجرما، معاديا لحركة السلام الدولية وقيمها ومبادئها.

إن المأزق الحالي في نزاع الصحراء الغربية هو نتاج عدم التزام الجزائر الشقيقة بما تقوله علنا، كونها ليست طرفا في النزاع، بينما تشجع المجموعة المتسلطة في البوليساريو على التطرف وعدم التنازل عن المستحيل، بكافة وسائلها المتاحة العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية والاقتصادية.

ورغم ذلك، فإن الصحراويين يرحبون بالحكم الذاتي الموسع كحل عادل يحترم خصوصياتهم وحقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويناسب طبيعة بيئتهم في مختلف جهاتها، في العيون والسمارة والداخلة وأوسرد وبوجدور، ويتطلعون إلى التغلب على النزاعات الهامشية، وإلى ,إطلاق الجزائر وحفنة البوليساريو المتسلطة سراح إخوانهم في مخيمات تندوف للالتحاق بوطنهم من أجل مواصلة مسيرة الديمقراطية والوحدة والحرية.

* ظواهر وتحديات

ورغم محدودية موارد المغرب الطبيعية والاقتصادية، وكونه البلد المغاربي الوحيد الذي لا نفط ولا غاز لديه، فإنه لم يتوقف عن تسخير كل ما لديه من طاقات لتنمية الصحراء والنهوض بمستوى عيش أبنائها وترسيخ المؤسسات الديمقراطية فيها وإدماجها في التنمية الشاملة للمملكة، لأنها جزء لا يتجزأ من ترابه، وفي هذا الشأن بالذات، تصدق البوليساريو بشأن صرف المغرب لأموال طائلة في الصحراء منذ استرجاعها في 1975، وتكذب بكل تأكيد بشأن الادعاء بأن للمغرب أطماع في ثروات المنطقة.

والمغرب واع كل الوعي بتحديات التنمية المطروحة أمامه في كل جهاته، وهو منخرط تماما في تجاوزها في مختلف المجالات، ولن يدعي أبدا بأنه لا يعاني مشاكل ومصاعب في طريق تثبيت العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، لكنه خطا خطوات جبارة في هذا الاتجاه، بانفتاح سياسي يسمح بالتعددية وحرية الرأي والتعبير ونهوض مجتمع مدني جدا، وبنقد ذاتي لحقوق الإنسان غير مسبوق في العالم العربي والإسلامي والعالم الثالث، تحمل فيه مسؤولياته وعوض ضحايا التجاوزات الحقوقية والسياسية منذ الاستقلال.

ومن المغالطات الأخرى التي تروج لها البوليساريو للنيل من سمعة المغرب داخليا وخارجيا نعته بمصدر المخدرات، ما يسير في تضاد مع الواقع الراهن الذي يشهد دوليا للمغرب عن جديته في محاربة هذا المشكل، لكن المشكل لا يكمن هنا، بل في تدفق المخدرات بأشكالها من الحدود الشرقية مع الجزائر المتساهلة مع مافيا المخدرات وعناصر البوليساريو المتاجرة في كل شيء، ومحاولة إغراق الأسواق المغربية بالحبوب المهلوسة والقرقوبي والكوكايين، لتخريب عقول الشباب.

أما النيل من المغرب بكونه يصدر الهجرة السرية، ففيه استعلاء على الواقع الجيواستراتيجي الذي يجعل من المغرب بوابة القارة الافريقية نحو أوروبا، ويجعل منه ممرا مفضلا من الشبكات الدولية لتهجير البشر من البلدان المجاورة عبر الحدود الشرقية، والبلدان جنوب الصحراء وحتى من آسيا. ولم يقصر المغرب في مكافحة الظاهرة، محاولا احتواء هجرة مواطنيه عبر تحريك عجلة الاقتصاد بقوة، ومكافحة هجرة الأفارقة والأسيويين الوافدين سريا عليه، متحملا عبئا أمنيا واجتماعيا وسياسيا كبيرا يشهد به الاتحاد الأوروبي، وكان المؤتمر الأوروافريقي الضخم حول الهجرة السرية والتنمية دليلا على نجاح المغرب في مواجهة هذا العبء، في غياب الجزائر .

ثم هناك تهمة تصدير الإرهاب التي تلصق بالمغرب المعروف بانفتاحه وتسامحه الديني والثقافي، علما أن المغرب لم يتهم البوليساريو يوما بأنها منظمة إرهابية، وقام ولا يزال بجهود كبرى لمكافحة المد الإرهابي، تمخضت عن تفكيك 16 خلية العام الماضي، وهو ما يدفع بعناصر تنظيم القاعدة لاستهداف المغرب. ومعلوم أن الإرهاب تطور في الجزائر على نحو خطير حيث أعلنت المجموعة السلفية للدعوة والقتال، أكبر تنظيم إرهابي مسلح في الجزائر انضمامه إلى منظمة القاعدة، مطلقا على نفسه اسم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. كما أنه معلوم من عدة تقارير استخباراتية دولية أن الإرهابيين يتخذون من المنطقة التي توجد فيها البوليساريو فوق الأرض الجزائرية في ملتقى الحدود مع الجزائر وشمال مالي وموريتانيا مجالا لتصدير الإرهاب والأسلحة ومختلف الأنشطة غير القانونية نحو المغرب.
إن المملكة المغربية تريد حلا نهائيا وعادلا لنزاع الصحراء الذي تولد عن ظروف الحرب الباردة، وأخر بناء المغرب العربي، ولم يأت بشيء إيجابي للمنطقة، ولم يمنع وقوع الحرب الأهلية في الجزائر، ولم يقف دون ظهور الإرهاب والتطرف. ولهذا يجب على جميع أصدقاء السلام والديمقراطية والحرية أن يدفعوا الجزائر والبوليساريو إلى الخضوع إلى الأمر الواقع ونداء العقل والإيجابية، لأنه لا يوجد من حل واقعي مشرف حافظ لكرامة المتنازعين سوى الحكم الذاتي الموسع الذي سيوفر على الجميع مغبة الخروج غالبا أو مغلوبا، ويوفر للصحراويين كافة بيئة ديمقراطية قائمة على انتخابات محلية حرة وحكومة ذات اختصاصات واسعة وبرلمان منتخب وقضاء مستقل، تسمح لهم بتدبير شؤونهم العامة وفقا لخصوصياتهم الثقافية والاجتماعية

Aucun commentaire: